مقترح قانون يهدد التحدث عبر الإنترنت

المدى - ترجمة عبد الخالق علي
الخميس 05-04-2012 

بعد مرور أكثر من عام على ربيع العرب، مازالت الانتفاضات تعم نسبة كبيرة من مناطق الشرق الأوسط. وتبقى حرية الصحافة و حرية التحدث عبر الانترنت خاضعة للجدل حتى في البلدان الأكثر استقرارا. لقد تم تسليط  الضوء على الجدل المستمر حول تصفيات الانترنت في تونس، والتهديدات التي يتعرض لها كتّاب  المقالات في العديد من البلدان. هذا الأسبوع سيكون الحديث  عن تشريعات مقترحة في العراق و لبنان أدخلت المهتمين في حالة تأهب.
القانون العراقي الخاص بالجريمة المعلوماتية
كل العيون كانت متجهة إلى بغداد بسبب انعقاد  القمة العربية. لكن بمجرد ان غادرت الوفود المشاركة و كاميرات النقل التلفزيوني قاعات الاجتماع، فمن المقرر أن توضع  أمام البرلمان العراقي لائحة مشروع قرار من شأنه ان يعاقب بشدة جرائم الفكر . و حسب ترجمة وردت من ( مركز القانون و الديمقراطية ) فإن  المادة 3 من التشريع  تتضمن أحكاما بالسجن المؤبد لمستخدمي الحاسوب او الانترنت ممن :
- يهدد " وحدة " الدولة.
- يشترك او يشارك او يتفاوض او يشجع او يتعاقد او يتعامل  مع عدو ... من اجل زعزعة الوضع الأمني و النظام  العام او يعرّض البلاد الى الخطر .
- يضر او يسبب خللا او يعرقل منظومات او شبكات تعود للقوات الامنية او السلطات الاستخباراتية  بقصد الأضرار بأمن الدولة.



بموجب المادة 4 و 5 من اللائحة، يحكم بالسجن المؤبد ايضا على اولئك الذين يؤسسون او يديرون موقعا بقصد :
- ترويج " افكار تسبب اضطراب النظام العام " .
- تنفيذ عمليات ارهابية تحت اسماء مستعارة او تسهيل الاتصال باعضاء او قادة المجاميع الارهابية.
- ترويج نشاطات و افكار (ايديولوجيات) ارهابية  او نشر معلومات تخص تصنيع ، تهيئة ، و استخدام الاجهزة القابلة للاشتعال او المتفجرات، او اية مواد او اجهزة تستخدم في تخطيط او تنفيذ اعمال ارهابية.
- تسهيل او تشجيع  تهريب البشر " بأي شكل كان ".
- الانخراط في " تهريب و تشجيع  و تسهيل استخدام العقاقير استخداما سيئا  ".
المواد  الأخرى من التشريع تهدف الى توفير حماية قانونية " للاستخدام الشرعي للحاسوب و شبكات المعلومات " و " معاقبة مرتكبي الأعمال التي تنتهك حقوق مستخدمي الحاسوب سواء أكانوا أفرادا أم كيانات قانونية". العناصر الأكثر اثارة للقلق في التشريع  تتضمن نصوصا لمعاقبة اولئك الذين يستخدمون شبكات المعلومات من اجل " خلق الفوضى لغرض إضعاف الثقة بالنظام الالكتروني للدولة" ، " إثارة او تشجيع العصيان المسلح" ، " ازعاج النظام العام او الاساءة الى سمعة البلد " ، او " التطفل و ازعاج او دعوة مستخدمي الحاسوب و شبكة المعلومات بدون اذن او يعيق استخدامهم لها ". عقوبات هذه الجرائم المفترضة تمتد من السجن لثلاثة اشهر الى السجن مدى الحياة. 
كذلك هناك عقوبات مشددة تتعلق بحقوق الاستنساخ – سنتين الى ثلاث سنوات سجن عن نشر او استنساخ "اية اعمال بحوث علمية و ادبية و ممتلكات فكرية تعود الى شخص آخر و محمية بالقوانين و الاتفاقات الدولية " – و القرصنة ، معاقبة الذين يدخلون " موقعا خاصا لشركة او مؤسسة بقصد ( التغيير ، التعديل ، الالغاء او استخدامها على نحو غير مناسب )". 
أصدرت مجموعة حقوق الإنسان تقريرا موسعا فصّلت فيه الجوانب العديدة المسببة للقلق لهذا التشريع المقترح الذي  أطلقت عليه " الغامض ، الفضفاض  و القاسي للغاية ".
ان اللائحة العراقية الجديدة تمثل تهديدا  خطيرا للتعبير الحر و الابتكار. و مع ان الاحكام غير المتناسبة هي الاكثر فظاعة، فان الكلمات الفضفاضة لمعظم بنود التشريع سوف تجرّد الصحافة و المبلّغين و الناشطين و حتى المواطنين العاديين من الحماية . 
من الجدير بالذكر هو، رغم ان العراق قد وضع قيودا على الصحافة  فليس هناك دليل سابق على حجب اية مواقع ، رغم أن التقارير اوحت بان السلطات العراقية توصلت الى صفقة عام 2009 مع شركة فرنسية لتنفيذ " نظام أمني " يسمح بالمراقبة و حجب المواقع . ربما  يكون جزءا من السبب في ان العراق يضيق الخناق  الآن هو العدد القليل لمستخدمي الانترنت في البلاد : حيث يقدر عددهم 2.5 % من مجموع السكان حسب الاتحاد الدولي للاتصالات ، و ان عدد الاشخاص الذين يدخلون الانترنت عن طريق اجهزة الموبايل في العراق للاستماع للاخبار يتزايد حيث يقدر بحوالي 33 % من العراقيين . 
بغض النظر عن العدد الحقيقي لمستخدمي الانترنت في العراق ، فهناك شيئان مؤكدان : ان عدد العراقيين الذين يستخدمون الانترنت يتزايد و ان هذا القانون المقترح سيحدد قدرتهم على استخدام الشبكة  .  لذا فمن الضروري  للبرلمان العراقي ان  يتخذ إجراء يتناسب مع حقوق الانسان فيما يتعلق بهذا القانون و ان يشارك الجهات الفاعلة في منظمات المجتمع المدني و خبراء التكنولوجيا لإعادة النظر في اللائحة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم