مجلة الحوار: الإعلام الاجتماعي في العراق وتأثير المدونين في مجريات المشهد العراقي بعد عام 2003


02 يناير, 2012 
بقلم: مريم محمد
شهد العراق بعد عام 2003 فتح الفضاء العراقي على مصاريعه؛ بعد ان كان مغلقا في زمن الدكتاتورية حكم النظام الشمولي، فالنظام كان يجرم كل شخص يمتلك جهاز استقبال القنوات الفضائية، وتصل عقوبة من يثبت تملكه لمثل هذا الجهاز إلة ستة أشهر سجن! إلى جانب منع استخدام الانترنت إلا في حدود ضيقة وتحت رقابة مشددة جدا!!.....

بعد هذا التضييق أصبح كل شيء مفتوح؛ بلا حدود ولا قيود، ولا ضوابط، ولا شك فان للأمر ايجابياته وسلبياته، ولعل من ايجابيات انفتاح الفضاء ودخول الانترنت انفتاح المساحة امام الشباب العراقي للتعبير عن الذات كما هو مع ياقي شباب العالم؛ من خلال شبكات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، والتويتر، وغيرهما) والمدونات؛ التي هي عبارة عن مواقع مجانية تتيح للشخص كتابة آرائه وأفكاره ومشاهداته وصوره مجانا، ويمكن للآخرين الإطلاع عليها والمشاركة بالتعليق والرأي فيها ما ينتج نوعا من الوعي التفاعلي، بل ان المدونات وصلت الى حد منافسة وسائل الاعلام في نقل الصورة والخبر، كما هو حاصل في ربيع الثورات العربية، بل انها اصبحت احد اهم مصادر وسائل الاعلام التقليدية للحصول على الخبر والصورة، وهكذا..
 في هذا الاستطلاع تحاول مجلة الحوار ان تستقصي اراء يعض المدونين لتتعرف على حجم تاثيرهم في المشهد العراقي، وحجم تفاعلهم مع الاحداث، واهم المشاكل التي تواجههم.

ابتدأ حديثة بضحكة طويلة وقال، الحكومة لا تزعجني انا الذي ازعج الحكومة عندما اقوم بنشر الاخبار والحقائق عن وضع العراق في مدونتي "ملاجئ الموت - بغداد"
بابتسامة عريضة وقلب مليء بالأمل يقول المدون العراقي (سحاب) ذو الـ27 عاما لمجلة الحوار "أنا أحب توثيق معاناة الناس ومساعدتهم، كما أنني لن انسى الجرائم التي حصلت في مدينتي بغداد، ولن أنسى الضحايا".
المدونة (رسل) 24 عاما؛ ناشطة ومدونة عراقية ترصد قضايا في مجال حقوق الانسان في العاصمة بغداد تقول "مدونتي تضم كل ما أكتبة، ولكني أتخوف من انتقاد الحكومة الحالية بسبب سماعي العديد من الأخبار التي تتحدث عن اعتقالات للمدونين الشباب ومراقبة الحكومة لكل ما ينشر على الانترنت ولا اعرف مدى صحة هذا الكلام، لذلك في بعض الاحيان انشر كتاباتي على صفحة الفيس بووك لاني واثقة من اصدقائي، و انهم لن يكونوا مراقبين سلبيين علي".
تقول المدونة (كامل) "مدونتي هي المكان للتعبير عن نفسي ومفرغة لكل الهموم التي تواجهني وتواجة الكثير من الشباب مثلي، وبدأت التدوين عام 2010 عندما التقيت بمجموعة من الشباب المهتمين بالتدوين ما اكسبني المعرفة في هذا المجال".
تؤكد كامل"أن كل مواطن هو راصد لكثير من القضايا، فحين تلفت انتباهي قضية معينة اقوم بكتابتها من اجل تحشيد الرأي العام، ويمكن للصحفي أن يكون مدون فانا اجد الكثير من الصحفين يمتلكون مدونات بعيدا عن المؤسسات التي يعملون فيها، فالمدونات تتيح الحرية في الكتابة بعيدا عن قوانين المؤسسات الاعلامية".
ورغم الانتعاش الذي يشهده العراق في مجال الاعلام بعد عام 2003، والذي شهد اجتياح القوات الامريكية للعراق والاطاحة بنظام صدام حسين الذي تيمز بالسيطرة على الوسائل الإعلامية،إلا أن هناك العديد من المخاوف من قبل المدونين الذين يمارسون حق التعبير عن الرأي من مراقبة الأجهزة الحكومية لهم، رغم كون العراق بلد ديمقراطي.
المدونة (طيبة) 21 عاما تقول لمجلة الحوار "اكثر ما اخشاه هو التهديدات التي يتلاقاها المدونون في العراق بسبب المعلومات التي يقومون بنشرها و تعبيرهم عن رأيهم بحرية".
بدأت حياة طيبة مع التدوين قبل اربعة سنوات بعد ان كانت تقوم بالنشر في منتديات عن يوميات تصيب أي إنسان؛ ولكنها اليوم لا تستطيع العيش بدون التدوين لانها تسلط الضوء على قضايا تهم بلدها.
تضيف طيبة "اجمع معلوماتي عن طريق الاشخاص المعروفين والذي يتمتعون بمصداقية عالية بنقل الحدث او عن طريق التلفزيون،اضافة الى انني انشر في مواقع اخرى مثل توتر وفيس بووك، الذي يعتبر الأكثر رواجا بسبب الحماية التي تتوفر من خلال الخصوصية التي يتميز بها".
مدونات عراقية شهيرة
هناك عدد من المدونات المعروفة على الساحة العراقية منها، مدونة شوارع عراقية والتي تعتبر من اكثر المدونات رواجا في العراق، فهي تضم أكثر من 107 مقالة باللغة العربية، و85 مقالة باللغة الانكليزية، اذ يزور المدونة اكثر من 220 زائر شهريا، و تم انشاء هذه المدونة على اساس التعبير عن الراي واعطاء مساحة للناس للتعبير عن رايهم بحرية، والاحترام المتبادل ايمانا بمبدا السلام.
أما مدونة "مدونون عراقيون" والتي أنشأت حديثا من اجل توحيد المدونين مع بعضهم فهي تضم أغلب المدونين والبالغ عددهم أكثر من  74 مدونا ومدونة من مختلف أرجاء العراق، أضف إلى أن المدونة تمتلك صفحة على الفيس بوك لانه يعتبر اكثر امنا بالنسبة للمدونين من حيث الاختراق والمراقبة.
وفي الوقت الذي لعب فيه عدد من المدونين في العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية دور كبير في تحشيد الراي العام في تظاهرات الـ(25 من شباط\ فبراير) من العام الجاري، وحتى بعد التظاهرات في مراقبة الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية ضد الصحفيين.
مدونون على الفيس بوك
يضيف بعض الشباب العراقيون الذين يستعملون الفيس بووك والمدونات وتوتر للمركز الصحفي الاوربي "أننا نلجأ الى المواقع الاجتماعيه للتعارف والتواصل مع الاصدقاء ومعرفة اخبارهم ومشاهدة صورهم، ونشر الأخبار".
تجدر الإشارة إلى أنه رغم الانتعاش الذي يشهده عالم التدوين الا ان العراق مازال يشغل مراتب متقدمة في قائمة الدول التي تعاني الجهل في مجال التكنولوجيا ومواقع التواصل.
أما مناف الساعدي  ذو الـ26 عاما يقضي معظم اوقاته برصد القضايا السياسية والإنسانية التي يشهدها بلده العراق منذ سنوات ليلخصها ببضعة اسطر في مدونتة الشخصية التي يظن ان العمل عليها سهل ولا تعترضه عقبات تذكر .
يقول الساعدي لمجلة الحوار "لدي اكثر من تجربة عن مواضيع كتبتها في المدونه أهما كانت حول المخلفات المشعة التي خلفها الجيش الامريكي وتأثيرها على البيئة في قضاء الحويجة في كركوك".
ويؤكد مناف "أن ماكتبه في مدونتة حول تلك القضية اثار اهتمام العديد من المنظمات الاجنبية والمؤسسات الحكومية، حيث شرعت بمناقشة الآثار السلبية للمواد الملوثة واتخاذ اجراءات لرفعها من عدد من القرى وخاصة قريتي غريبة وعطشانة".
ويقول الساعدي "اجمع المعلومات عن طريق شبكة الانترنيت، بعض  المصادر الرئيسية، الملفات والتقارير التي ترسل عبر البريد الالكتروني ومصادر يستعملها الصحفين العاديين ".
يرى مناف "أن المدون يجب ان يتحلى بالذكاء في اختيار المواضيع التي يريد كتابتها؛ لأن المدونات صحافة المستقبل ومن مميزاتها انها لا تخضع لسياسة المؤسسات، إضافة إلى السرعة والرخص عند مقارنتها مع الوسائل الاخرى ".
يزور مدونة مناف كحد اقصى 140 زائر يوميا من مختلف الاعمار، وهو يحصل على العديد من ردود الافعال وقد ساعده التدوين على النشر في وكالات الانباء، اضافة الى  التواصل مع الاخرين .
المدونة (سؤدد الصالحي) 35عاما  مراسلة الشؤون السياسية في مكتب رويترز –بغداد قالت: "التدوين هو مشروع لايزال في مراحلة الاولى رغم فتح وادارة العديد من المواقع ".
وتعتبر الصالحي "ان غالبية المستخدمين للتدوين في العراق لم يدركوا كيفية تطوير قدراتهم من خلال التدوين، والمستخدمين لا يعرفون حقهم وواجباتهم، لذا فهم يعتقدون ان مهاجمة المسؤول بناء على معلومات غير مؤكدة وموثوقة حقا شرعيا،كما أنهم لا يزالون يجهلون كيفية ان يكونوا موضوعين ويتخلون عن ارائهم الشخصية".
وتشير الصالحي "إلى ان المدون يعتبر تهديد للصحفي لان الناس لا تعرف الفرق بين المدون والصحفي، 95% من المواقع غير خاضعه للرقابة، وأصبحت ساحة للجدال وتبادل الاتهامات وتسقيط الاخر سياسيا واجتماعيا".
فوسائل الاعلام باتت تواجة تحدي انتشار شبكة الانتريت كمصدر لنقل المعلومات بشكل سريع، ومع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي مؤخرا وانتشارها بشكل واسع وعلى صعيد الوطن العربي بشكل خاص ومساهمتها الفعالة بربيع التغير كان لها دور بارز في العراق  ايضا.
أما المدون (وميض القصاب) 33 عاما  ناشط حقوقي مستقل "اعتبر المدونات مضيعة للوقت لان الصحفي عمله الصحفي ينقل المعلومات والاحداث بطريقه حرفية وفق قواعد معينة،أضف الى عدم دقت المعلومات التي يكتبها المدونون".
من جهته يلفت المدون (محمد صادق أمين) مدير تحرير مجلة الحوار إلى أنه "عندما احتاج إلى معلومات اكثر عن الثورة السورية فانا ادخل الى مواقع المدونين للحصول على الصور والفديوهات، لذلك لا اعتبر التدوين هو تهديد لعمل الصحفي ".
يذكر ان  الساحة العراقيه شهدت  انفتاحا واسعا على الاعلام بعد عام 2003 اذا ازدادت المحطات السمعية عن  52 محطة اذاعية و47 محطة تلفزيونية و160 صحيفة، وتعد المدونات من اهم الاشكال التي تسمح للافراد مناقشة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية التي تدور على الساحة العراقية بقدر اكبر من الحريه من خلال الانترنيت.


* المقال منقول من مدونة مجلة الحوار هنا

إرسال تعليق

أحدث أقدم